كيف أعرف أنَّ ابني مصاب بالتوحد؟

ربما يكون قد تناهى إلى مسامعك شيء من أعراض التوحد، واختلط عليك الأمر حين لاحظت سلوكا غريبا على طفلك، فتخوفت حيال إصابته به. أو قد يعاني طفلك من علةٍ ما تحسبها سلوكا مرحليا سيزول مع الوقت، لكنه يكون في الواقع مؤشرا وعرضا لخطبٍ ما. هنا نوضح لك دليلا مرجعيا يزيل هذا الالتباس.

ما يجب أن تعرفه

يشير مصطلح “اضطرابات طيف التوحد (ASD)” إلى عدد من الاضطرابات المعقدة في النمو العصبي بالدماغ، ويشمل حالات مرض التوحد نفسه، واضطراب الطفولة التفككي، ومتلازمة أسبرجر. تظهر اضطراباته في مرحلة الطفولة، ويصعب تشخيصها قبل أن يتمّ الطفل شهره الثاني عشر، وتشخَّص بشكل عام عند بلوغه عامه الثاني، لكن يستمر الاضطراب أحيانا خلال مرحلتي المراهقة والبلوغ، وتظهر سماته بوضوحٍ، في معظم الحالات، في أول 5 سنوات من عمر الطفل.

يختص المصاب بتلك الاضطرابات ببعض السمات السلوكية، مثل صعوبة التفاعل الاجتماعي أو التواصل مع الآخرين، كذلك ضعف المهارات اللغوية وتأخر تطويرها وقلة اهتماماته ونشاطاته، وتطوير نمط متكرر وثابت لها، كذلك صعوبة الانتقال من نشاط إلى آخر والسقوط في حالة من الاستغراق في التفاصيل الصغيرة، كذلك الاستجابة بردود فعل غير اعتيادية. يعاني المصاب بالتوحد، أو اضطراب تشمله المظلة نفسها، من اضطرابات جانبية مصاحبة له، مثل الصرع والاكتئاب والقلق واضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط، إضافة كذلك إلى اضطرابات النوم أو الميل لإلحاق الأذى بالنفس. لكن على الجانب الآخر، يتفاوت مستوى الأداء الذهني بين المصابين بالتوحد تفاوتا كبيرا، إذ قد يختل البعض خللا جامحا أو يكتسب مهارات معرفية شديدة التطور قياسا بعمره(1).

ظاهريا، لا يتميز المصاب بالتوحد عن غيره في شيء، لكنه يختلف في طرق تواصله وتفاعله وتعلُّمه عن الآخرين. بشكل عام، يحتاج بعض المصابين به إلى الكثير من المساعدة لمجاراة الحياة اليومية، وبعضهم يتمكن من العمل والعيش بشكل طبيعي تماما دون أي مساعدة من الآخرين أو بالقليل منها. لمعرفة إن كان ابنك مصابا بالتوحد، عليك مراقبته من سن صغيرة، هناك مهارات وسمات كثيرة لا تظهر إلا مع التقدم في العمر، خاصة بعد أول سنة. يقسِّم المختصون أعراض التوحد أو سماته إلى فرعين: التواصل الاجتماعي، والاهتمامات ذات الطابع التكراري.

أولا: مهارات التواصل والتفاعل الاجتماعي

 يتفادى الطفل التواصل البصري أو تلاقي العيون، أو يقطعه بسرعة – 
 لا يستجيب حين يُنادى باسمه بعد تجاوزه الشهر التاسع من عمره – 
 لا يُظهر تعابير على وجهه مثل الحزن والغضب والامتعاض والمفاجأة – 
لا يستجيب للألعاب التفاعلية مثل ألعاب التصفيق بعد إتمامه عامه الأول – 
يستخدم القليل من الإيماءات -مثل التلويح عند الوداع- أو لا يستخدمها إطلاقا – 
لا يفصح عن اهتماماته، كأن يخبرك عن لعبته المفضلة أو مكانه المفضل أو طعامه المفضل، بعمر السنة والنصف – 
لا يستجيب لا بالإشارة ولا النظر حين تُشير له إلى شيءٍ ما بعمر السنة والنصف – 
لا يلاحظ حين يُظهِر مَن حوله علامات الحزن أو الألم، أو لا يُبادلك الابتسام حين تبتسم له، وهو بعمر السنتين – 
لا يمثِّل خلال اللعب، مثل أن يمثل إطعام الدمية أو قيادة سيارة بعمر السنتين والنصف – 
 يظهر اهتماما فاترا بمن في مثل سنه – 
 يواجه صعوبة في فهم مشاعر مَن حوله أو التعبير عن مشاعره عند بلوغه ثلاث سنوات أو أكثر – 
لا يلعب الألعاب التي تقوم على تبادل الأدوار مثل “الغميضة” عند بلوغه سن الخمس سنوات  

ثانيا: السلوكيات أو الاهتمامات المحدودة أو التكرارية

 صَفُّ الألعاب أو الأدوات في نظام معين دون استخدامها، والاستياء من أي خلل فيه – 
تكرار كلمات أو عبارات بعينها – 
فَهم العبارات بشكل حرفي – 
اللعب بألعابه بالطريقة نفسها كل مرة – 
 التركيز الدقيق مع جزء من شيء، على عجلات اللعبة مثلا
الانزعاج الشديد من التغييرات الطفيفة في محيطه – 
الهوس المفرط باهتمامات أو مواضيع معينة ورفض غيرها – 
 الغضب الشديد في حال طُلب منه فعل شيء ما – 
صعوبة قد تصل لحد العجز في مصادقة مَن حوله، وتفضيل البقاء وحيدا – 
يُحب اتّباع روتين معين بشكل صارم، ويرفض أي تغيير فيه وإن كان بسيطا – 
الحركات التكرارية المتواترة، مثل التصفيق باليدين أو أرجحة الجسد أو الدوران في مكانه – 
إبداء ردود فعل غير معتادة -مث  الصراخ العنيف أو الاستياء الشديد- على روائح الأشياء أو مذاقها أو شكلها أو شعوره بها.

لدى معظم المصابين باضطراب طيف التوحد سمات أخرى، قد يَظهر بعضها وليس جميعها عليهم، مثل تأخر تطور المهارات اللغوية أو الحركية أو الإدراكية أو التعليمية، أو السلوك المفرط في نشاطه أو اندفاعيته أو شروده، الإصابة باضطراب الصرع أو نوباته، المعاناة مع عادات غير معتادة في الأكل والنوم، والتعرض لمشكلات في الجهاز الهضمي مثل الإمساك، كذلك إبداء ردود فعل عنيفة عاطفية، والقلق والتوتر أو انعدام الخوف من أشياء مخيفة أو الخوف بشكل مبالغ فيه من أشياء عادية

لكن، ما مسببات التوحد؟

لا توجد أسباب معروفة للإصابة باضطرابات طيف التوحد، التوحد اضطراب معقد، تختلف أعراضه وحدّته، لذا تتعدد أسبابه. تلعب العوامل الوراثية الدور الأكبر، حيث اتضح أن العديد من الجينات لها دور في اضطراب طيف التوحد، وقد تزيد الطفرات الجينية من خطر الإصابة به. أحيانا بعض تلك الجينات تكون موروثة، لكن بعضها يحدث تلقائيا. أما العوامل البيئية المحيطة بالطفل فما تزال قيد البحث لفهم إن كانت عوامل مثل الالتهابات الفيروسية أو الأدوية أو المضاعفات أثناء الحمل أو ملوثات الهواء تلعب دورا في الإصابة به.

يشيع أن اللقاحات التي يتلقاها الرضع تزيد، بل وأحيانا تتسبب بشكل كامل، في الإصابة بالتوحد، لكن ما من علاقة بين اللقاحات واضطراب طيف التوحد، رغم البحث المكثف لم تظهر أي دراسة موثوقة وجود صلة بينها، بل على العكس قد يؤدي تجاهل أخذ التطعيمات في مواعيدها إلى تعريض الطفل ومن حوله للإصابة بأمراض شديدة الخطورة ونشرها(3).

مع ذلك تتزايد أعداد الأطفال المصابين به، وليس معروفا إن كان الازدياد يعود إلى زيادة الوعي في كشف حالاته أم زيادة فعلية في الإصابة به أم كليهما. يؤثر اضطراب طيف التوحد على الأطفال من جميع الأعراق والجنسيات، لكن تزيد بعض العوامل من خطورة الإصابة به، منها جنس الطفل، فالذكور أكثر عرضة للإصابة به بحوالي أربع مرات من الإناث؛ أيضا التاريخ العائلي، إن كان في العائلة طفل مصاب به تتضاعف خطورة إنجاب طفل آخر مصاب به، كما أنه شائع بنسبة قليلة أن عانى أحد والدي الطفل المصاب أو أقاربه أنفسهم من صعوبات 

طفيفة في مهاراتهم الاجتماعية أو الانخراط في سلوكيات معينة تعدّ أعراضا للتوحد، مثل القلق أو اضطرابات النوم.

توجد متلازمات أخرى معينة تزيد من خطورة الإصابة بالتوحد أو التسبب فيه مباشرة أو بأعراض منه، منها “متلازمة كروموسوم إكس”، وهو اضطراب وراثي يتسبب في مشكلات فكرية. كذلك “متلازمة التصلُّب الحدبي”، وهي حالة تتطور فيها أورام حميدة في الدماغ. كذلك “متلازمة ريت”، وهي حالة وراثية عصبية تُصيب الإناث حصرا، وتؤثر على نمو الدماغ، وتؤدي إلى إعاقة ذهنية وجسدية شديدة. كذلك ولادة الطفل خديجا، أي في موعد مبكر للغاية عن موعد ولادته الطبيعية، تحديدا قبل نهاية الشهر السادس؛ ترفع من احتمالية إصابته بالتوحد.

اختلاف بين الجنسين

يُشخص الذكور المصابون بالتوحد بمعدل يزيد عن أربعة أضعاف تشخيص الإناث، والسبب الرئيسي شيوعه بين الذكور، لكن كذلك لأن أعراض الإناث أقل وضوحا. يعبِّر الذكور المصابون عن غضبهم واستيائهم عن طريق الانزعاج الصريح أو التصرف بعدوانية، فتتضح أعراضهم أكثر، أما الإناث فكأنهن يُدربن على التكيف مع ما يزعجهن، بأن تتعلم الابتسام في حضرة آخرين أو الصمت، لذا يصعب ملاحظة الأعراض فلا يُثار الشك في تصرفاتهن؛ ما يُصعِّب من عملية التشخيص. كذلك يركز الذكور المصابون بشكل مهووس ومفرط في أشياء، مثل القطارات أو ألعاب الكمبيوتر، لكن تختلف اهتمامات الإناث المصابات وتتمحور حول أفلام ديزني أو الحيوانات أو الدُّمى، فتبدو كأنها اهتمامات عادية وأنثوية تعكس طبيعة للإناث في ذلك السن.

تجيد الإناث محاكاة ما تراه من حولها أكثر، وتتفوق المصابات منهن في التفاعلات الاجتماعية، لا يجدن صعوبة في تلاقي الأعين مثلا أكثر من الذكور، لذلك، رغم المعاناة التي يخضنها في التواصل الاجتماعي أو العلاقات، ستُعتبر على الأرجح صعوبة طبيعية حتى فترة متأخرة قد تصل إلى المدرسة المتوسطة، تكون الحالة قد تفاقمت فيها. أيضا تعاني الإناث المصابات بالتوحد من الاكتئاب أو القلق أو تدني احترام الذات، فيغفل المشخص أو الوالدان عما وراء تلك الأعراض، بل أحيانا تُشخص خطأ بأنها مصابة باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه لتشابه الأعراض من النظرة الأولى، لذا يوصى بمضاعفة الاهتمام وعدم إغفال أو تجاهل أي أعراض، خاصة إن كانت أنثى

ثانيا: السلوكيات أو الاهتمامات المحدودة أو التكرارية

 صَفُّ الألعاب أو الأدوات في نظام معين دون استخدامها، والاستياء من أي خلل فيه – 
تكرار كلمات أو عبارات بعينها – 
فَهم العبارات بشكل حرفي – 
اللعب بألعابه بالطريقة نفسها كل مرة – 
 التركيز الدقيق مع جزء من شيء، على عجلات اللعبة مثلا
الانزعاج الشديد من التغييرات الطفيفة في محيطه – 
الهوس المفرط باهتمامات أو مواضيع معينة ورفض غيرها – 
 الغضب الشديد في حال طُلب منه فعل شيء ما – 
صعوبة قد تصل لحد العجز في مصادقة مَن حوله، وتفضيل البقاء وحيدا – 
يُحب اتّباع روتين معين بشكل صارم، ويرفض أي تغيير فيه وإن كان بسيطا – 
الحركات التكرارية المتواترة، مثل التصفيق باليدين أو أرجحة الجسد أو الدوران في مكانه – 
إبداء ردود فعل غير معتادة -مث  الصراخ العنيف أو الاستياء الشديد- على روائح الأشياء أو مذاقها أو شكلها أو شعوره بها.

لدى معظم المصابين باضطراب طيف التوحد سمات أخرى، قد يَظهر بعضها وليس جميعها عليهم، مثل تأخر تطور المهارات اللغوية أو الحركية أو الإدراكية أو التعليمية، أو السلوك المفرط في نشاطه أو اندفاعيته أو شروده، الإصابة باضطراب الصرع أو نوباته، المعاناة مع عادات غير معتادة في الأكل والنوم، والتعرض لمشكلات في الجهاز الهضمي مثل الإمساك، كذلك إبداء ردود فعل عنيفة عاطفية، والقلق والتوتر أو انعدام الخوف من أشياء مخيفة أو الخوف بشكل مبالغ فيه من أشياء عادية

المصدر : الجزيرة
Scroll to Top